تحت ستار الدين ..امرأة محتالة "تنصب" على أكثر من 100 عائلة تحقيقات
الأموال تقدر بما يقارب 150 مليون ليرة سورية
بعض نساء المنطقة كانت تصلي لها "الصلاة النارية" كما كانت تطلب منهن, وبعضهن من كان يتخذها قدوة لها لما تحمله من إيمان وورع داخل قلبها, مكانها المفضل التي تلجأ إليه هو جامع "أبو النور", ثقتهم العمياء بها جعلت منها الإنسانة الأجدر بتشغيل أموالهن "بالحلال".
كثر ذكرها في منطقة حرستا( ريف دمشق ) من خلال ما تداولنه النساء من واحدة إلى أخرى عن أخلاقها الحسنة وقلبها المؤمن والأرباح "الحلال" الطائلة المتوقعة من تشغيلها لأموالهم, فبيعت السيارات وبيعت البيوت وبيع المصاغ, وعند مطالبة بعض النساء لها .... هددتهن بفضحهن بأمور تتعلق بالشرف انتهاء بتهديدات بتوريطهن بقضايا مخدرات ودعارة !!
أم خليل( س. م).. امرأة في الواحد والأربعين من عمرها, تحمل الجنسية الأردنية, دخلت منطقة حرستا بمساعدة زوجها أبو خليل (محمد جمال البحري 60 عام) و"تغلغلت بين بعض نساء المنطقة مستغلة تجمعهن المعتاد عند محل للحلاقة النسائية".
وتماشيا مع بيئة منطقة حرستا المحافظة فكان دور أبو خليل بعيد عن التعامل مع النساء واقتصر على قيامه بإدارة المشاريع التجارية (الوهمية) مع زوجته, هذا ما جعل محل الحلاقة النسائي مقر لعمليات "أم خليل" ومكان لنشر أخبارها التي تريد إيصالها, "فلعبت على وتر الدين وتسترت خلف أعمالها الخيرية الوهمية", واستطاعت اقتحام قلوب وعقول النساء, وتهافتوا عليها بأموالهن وأموال معارفهن من رجال ونساء حتى جمعت منهم ما يقارب 150 مليون ليرة سورية على مدى عامين كاملين.
التزامها الشديد و حضورها الدروس الدينية ساعدا في اكتسابها ثقة الجميع
التقت سيريا نيوز مع بعض النساء والرجال الذين تعرضوا لعملية النصب, وأخبرونا عن المواجع التي يمرون بها بعد فقدانهم الغالي والرخيص على يد أم خليل.
أم يزن ( استثمرت مع أم خليل 9 ملايين ليرة ) وهي صاحبة محل الحلاقة النسائي الذي استغلته "أم خليل" لتوطيد علاقاتها مع النساء, فلم تسلم هي الأخرى من خسارة أموالها التي تعبت سنين وهي تجمعها لتطوير عملها وحياة عائلتها بالإضافة إلى أموال أخرى أتت بها من معارفها وأصدقائها وأقاربها.
تقول أم يزن" دخلت أم خليل محلي كزبونة وتكونت علاقة صداقة بيني وبين بناتها اللواتي كان يظهرن لي حبهم واحترامهم, من بعدها اشتركت معي ومع زبوناتي الأخريات بالجمعيات التي كنا ننظمها من خلال دفع كل منهن مبلغ معين في الشهر ليتجمع شهريا مبلغ كبير تأخذه واحدة منا عن طريق القرعة, ومن بعدها انفتح المجال أمامها وأقامت علاقات مع زبوناتي لتعرض عليهن لاحقا الشراكة في أعمالها التجارية وإعطائهن أرباح حلال".
وتتابع " ما ساعد في بناء الثقة الكبيرة التي أخذتها أم خليل هو حضورها الدروس الدينية في الجوامع, والتزامها الشديد بالصلاة ومحاولتها نصح الغير بالالتزام والابتعاد عن المعاصي, وكانت تعطيني مبالغ تتراوح بين 5 إلى 7 آلاف ليرة بين فترة وأخرى كتبرع منها للعائلات الفقيرة, هذا ما جعلنا نأتمنها على أموالنا وعلى الأرباح التي ستأتي من خلال وضعها معها بسبب استحالة تشغيل الأموال بأمور غير شرعية أو محرمة".
وتضيف" حتى ابن أختي لعبت أم خليل في عقله حيث أقنعته أن يعطيها 150 ألف ليرة, وهو شاب عمره 17 سنة يعمل في محل حلويات, حرم نفسه من كل شيء في الدنيا ليجمع هذا المبلغ, بعد إقناعه بالمبالغ الخيالية التي ستعود عليه جراء إيداع ماله معها.. ولكن بعد أن علم بحقيقتها ..انهار والآن حالته النفسية سيئة جدا".
حتى "مؤخر" الزواج و"مطمورة" الطفل لم يسلما من أم خليل!!
أما أم محمد وهي ضحية أخرى, جمعت من أصدقائها ومعارفها ما يقارب الخمسة ملايين ليرة سورية لتعطيها لأم خليل بغاية تشغيل الأموال و"طمعا" بالأرباح الكبيرة التي سمعوا عنها.
وتروي أم محمد قصتها مع أم خليل من البداية " تعرفت على سناء (أم خليل) عن طريق معارف وكانت قاصدة خدمة مني فطلبت مبلغ من المال ليساعدها في إخراج بضاعتها من ميناء اللاذقية, ومن بعدها اقتنعت بتشغيل أموالي معها خاصة بعد أن سمعت عن الأرباح الكثيرة التي سوف أكسبها في حال وضع مالي معها".
وتتابع رغم كل ما سمعنا عن "الأرباح" لكن وعند سؤالي المتكرر عن قيمة هذه الرابح كانت تقول لي "لن أخبرك خوفا من العين وأنني إنسانة سيئة الحظ في الحياة لذلك يجب أن نداري أمورنا بالكتمان", ومن بعدها أصبحت "تسحب مني مبالغ إضافية لدرجة أنها طلبت مني أن أعطيها المبالغ الموجودة في مطمورة ابني , كما وصلت الأمور معها لتحريضي على طلب الطلاق من زوجي كي أستفيد من تشغيل المؤخر المكتوب لي في عقد الزواج وهو مليون ليرة لكني بالطبع رفضت".
وتابعت أم محمد "في كل مرة أفتح معها موضوع الأرباح كانت تمسك القرآن وتحلف عليه كما كانت تحلف برؤوس أطفالها أن الأمور تمشي كما تريد وأن الأرباح قادمة وكان موعدنا النهائي في 22/7 لنكتشف لاحقا أن هذا الموعد كان فرصة للتصرف بأملاكها قبل أن تهرب".
واضافت ام محمد " الآن وبعد ما ورطتنا به أم خليل نقوم أنا وزوجي ببيع أثاث منزلنا كي نسدد الأموال الذي أخذته من أقاربي لتشغيلها معها".
هددت الضحايا بتوريطهن إذا أخبرن الشرطة.. وأنها تحمل جواز سفر لدولة اجنبية
بعد أن كثرت مطالبة الضحايا لأم خليل بأموالهم وأموال أقاربهم التي أخذتها منهم, أصبحت تستخدم معهن أسلوب التهديد والترهيب مستغلة بيئتهم المحافظة ما جعلها تلعب في تهديداتها على عدة أوتار منها الشرف ومنها الإيذاء الجسدي.
ومن هذه التهديدات ما لم يتوقعوه وهو إخبارهم بأنها تحمل جواز سفر أجنبي وأنها محمية (حسب ما أخبرنا بعض الضحايا), وأنهم في حال أدعوا عليها ستعترف للشرطة بأنها "كانت تجمع الأموال في سبيل تنظيم أعمال تخريبية في البلد, في محاولة منها لإخافتهم من التورط بمثل هذه المواضيع خاصة وأن أغلب النساء قاموا بتشغيل أموالهن دون علم أزواجهن".
تقول أم خالد (لها 2.5 مليون ليرة ) " بعد مطالبتي المستمرة لها, انتقلت معي من لهجة الطمأنة والوعود إلى لهجة أخرى فاجأتني بها عند تهديدها لي بحرقي "بماء النار" وحرق كل من يطرق بابها مطالبا بمال, كما هددتني بإرسال عاهرات إلى بيتي وفضحي أمام الجميع وأولهم زوجي وكانت في كل مرة تقول أنها محمية من عشائرها في الأردن, بالإضافة إلى حملها جواز سفر أجنبي ، وكل هذا ما بث الرعب في قلبي فعلا, ولم أعد أتصل بها."
أما أم رياض التي وقعت بفخ رسمته لها أم خليل, وذلك أثناء تناولها العشاء معها برفقة ابنتي أم خليل اللتان استغلتا انشغالها بالتحدث مع والدتهما, ليسرقوا هاتفها المحمول ويرسلوا رسائل "حب وغرام" لوالدهن (أبو خليل), وبعد فترة وأثناء مطالبة أم رياض بأموالها هددتها بالرسائل المرسلة لجوال أبو خليل وأنها "سوف تفضحها أمام زوجها ما لم تتوقف عن المطالبة بحقها".
أحد الضحايا هو من سلّم أم خليل للشرطة
ولم تسلم التركة التي ورثها أحمد درويش شلة /25/عام وهو خياط يعمل في ورشة من عمليات النصب حيث ورث عن أبيه مبلغ 500 ألف ليرة , ليسارع في ما بعد بإعطاء أم خليل وزوجها المبلغ طمعا أيضا بالأرباح "الحلال", لكن أحمد هو من سلم أم خليل للشرطة حيث وضع لها مراقبة على مدى الأيام ليلمحها بتاريخ 30/7/2009 متوجهة إلى لبيتها في محاولة منها لبيع أثاثها قبل "هروبها المخطط مسبقا".
ويقول أحمد" دفعت لأم خليل زوجها في المرة الأولى مبلغ 250 ألف ليرة وبعد أربع أيام أعطتني 25 ألف كدفعة من الأرباح, هذا ما شجعني لأعطيها 250 الف ليرة أخرى وفعلا أخذت منها 25 ألف مرة ثانية ولكن من بعدها لم أقبض منها شيء"
وعن تسليمها للشرطة قال" عندما ركضت باتجاهها محاولا مسكها حاولت الصراخ وجمع الأهالي لتظهرني أني أحاول التحرش بها, ولكن بعد فقدانها الأمل عرضت علي 50 ألف ليرة كي أتركها كما عرضت على الشرطي عند تسليمها له مبلغ من المال لكنه رفض أيضا".
محمد خشانة /29/ عام يعمل حلاق الذي أمن مليون وثلاثمائة ألف ليرة سورية متضمنين ثمن مصاغ زوجته إضافة إلى 500 ألف ليرة دين من صديق, حالما بشراء محل للحلاقة وتحسين أحواله وأحوال عائلته عند تشغيله لهذه الأموال مع أم خليل التي تعمل بمشاريع حلال بعيدة كل البعد عن الأعمال الغير شرعية كما اعتقد.
وأكد كل من محمد وأحمد التهديدات التي قالتها أم خليل حول "الرش بماء النار" كما أكدا أنهم سمعاها تدعي أنها تحمل جواز سفر "اجنبي" وأنها غير آبهة لادعاء أي ضحية لأنها ستقلب الطاولة على الجميع.
محامي المدعين: السندات لا تكفل حق الضحايا .. وتشغيل الاموال شائع في حرستا
وبهذا الصدد قابلت سيريا نيوز المحامي عاصم أسعد وكيل العشرات من "ضحايا" أم خليل الذي اكد بانه يوجد لديه "المئات من سندات الأمانة المحررة باسم (س . م ) ( أم خليل) ومنها سندات فارغة, ولكن للأسف الشديد هذه السندات لا قيمة لها وهي كانت على دراية تامة بأن السند لا يكفل حق الضحية حيث أخبرت أحد الموكلين سابقا أنها مستعدة لإمضاء غرفة مليئة بالسندات ولا يهمها, حيث أن الحجة المستخدمة بشكل عام من قبل جامعي الأموال هي أنهم خسروا أموالهم بالبورصة وعقوبتها 6 أشهر فقط ..!! ".
وفيما يتعلق بوقوع هذا العدد الكبير من الأشخاص ضحية للنصب والاحتيال قال أسعد " بشكل عام تشغيل الأموال في منطقة حرستا ودوما أمر شائع جدا, وهناك العشرات من النساء اللواتي قابلتهن ولكنهن رفضن الإدعاء خوفا من أزواجهن لأنهم لم يعلموهم بقصة التشغيل, كما يوجد العديد من الشباب لم يدعوا خشية من الفضيحة, "حيث تم الضحك عليهم من امرأة" كما أخبروني".
ويضيف " ولكن للأسف لا يوجد قوانين تحميهم من عمليات النصب, إذ تقتصر الضمانات على سندات محررة من مشغلي الأموال وكما ذكرت سابقا أن السند عندما يقدم للمحكمة فنستطيع من خلاله حبس المتهم شهرين ونصف فقط ومن ثم يطلق سراحه طبعا هذا في حال كان السند فردي, أما في حالة أم خليل بصدد توجيه تهمة جمع أموال كون القانون يجرم المتهم بجريمة جمع أموال في حال وجود أكثر من /8/ مدعين".
ويختم المحامي عاصم أسعد" يجب على المشرع السوري تطوير قانون يأخذ بعين الاعتبار السندات المقدمة من المدعيين, لأن منهم من خسر أمواله ورزقه ولم يأخذ له القانون حقه, وأقترح إيجاد سند بقانون جديد له صفة السداد والإيفاء ويتم بذلك فرض عقوبة لا تقل عن 15 – 20 سنة, ويجب أن يكون له طبيعة خاصة ومن تاريخ إصدار السند يتم التعامل به, و أن يوثق هذا السند عند موظف رسمي أو محامي".
نقلا عن سيريا نيوز